
اليمنيات نموذج إيجابي في الاهتمام بالبيئة
أحمد بوعابس، اليمن
أحد الأعمال المشاركة في تحدي الأصوات الخضراء للشباب والشابات في العالم العربي
أن تكون رائد أعمال خضراء في بلاد كاليمن فأنت شخص لست عاديًّا، في بلد يشهد الآن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، تلك التي أنتجتها دوامة الصراع على السلطة المندلعة في أواخر 2014، فاجتثت أعمال القتال اقتصاد البلد المنهك، ما أدى إلى نقص حاد في أمنه الغذائي وتدمير بنيته التحتية الحيوية. وأشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 24.1 مليون شخص "معرضون لخطر" المجاعة والمرض، وأن زهاء 14 مليون شخص منهم بحاجة ملحة إلى المساعدات، أما أن تكوني رائدة أعمال خضراء فهذا من سابع المستحيلات، فاليمنيات يواجهن حواجز اجتماعية وثقافية وسياسية تعوق طموحاتهن المهنية والاستقلال المالي، ناهيك عن ضعف الوعي لدى اليمنيين بمخاطر التغيير المناخي.
خلال السنوات الماضية، برزت شابات يمنيات في أنشطة متنوعة ومنها الأنشطة البيئية، حيث يخدمن المجتمع بقدر المستطاع ويسعين لمعالجة مشكلات البيئة، ويقاومن تأثير الحرب والنظرة النمطية للمرأة في مجتمع تقليدي تكبله عادات متوارثة. في هذا التقرير نستعرض نموذجين من سيدات الأعمال الخضراء هما أمينة بن طالب، ونجلاء باطاهر.
الشابة أمينة بن طالب
تمكنت أمينة خلال السنوات الماضية من أن تكون ناشطة مجتمعية في مجال الاستدامة والبيئة والتغيرات المناخية، فهي خريجة إدارة أعمال وتسويق، ومهتمة بالتنمية المستدامة وحماية البيئة، في ظل الحرب المشتعلة في أجزاء واسعة من اليمن والتي أدت إلى دمار القطاع البيئي، تضاعف سوءًا مع غياب الاهتمام بالبيئة وقلة الوعي بهذا القطاع الحيوي.
بادرت الشابة العشرينية أمينة بأعمال تحافظ على بيئة نظيفة، وتعمل على التخلص من بعض المخلفات البلاستيكية، من خلال تنفيذ فكرة «الطوب البلاستيكي»، كطريقة فعالة صديقة للبيئة، للتخلص من القوارير البلاستيكية، في مجتمع محلي يستخدم البلاستيك بكميات مهولة دون إعادة تدوير هذه المخلفات، أو التخلص منها بطرق علمية آمنة.
جاءت الفكرة لـ "أمينة" بعدما دفعتها الرغبة في البحث عن حلول مجتمعية للقضاء على التلوث البيئي، عبر الاطلاع على التجارب العالمية، وخاصة البلدان النامية، في التخفيف من استخدام البلاستيك.
«الطوب البلاستيكي» عبارة عن طوب مكون من كميات من الإسمنت، إضافة إلى كميات من البلاستيك من نوع «بولي إيثلين» عالي الكثافة، المستخدم في صنع القوارير البلاستيكية عن طريق تعريضه لعمليات فرز وغسل وتكسير، حيث يدمج الإسمنت مع البلاستيك، لإنتاج قالب جديد صديق للبيئة يستفاد منه في مجال البناء، وبذلك يتم التخلص من كميات البلاستيك المضرة بالبيئة.
حصدت «أمينة» المركز الأول بمشاركتها بمشروعها الابتكاري والمستدام والمتميز في YLP6 (برنامج القيادات الشابة) الذي نفذته YLDF مؤسسة تنمية القيادات الشابة بالشراكة مع UNDP (المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي).
نجلاء باطاهر
الشابة العشرينية «نجلاء» إحدى رائدات الأعمال الخضراء في حضرموت، تقدم خدماتها من خلال مشتل زراعي يحتوي على العديد من الأصناف النباتية.
بدأت «نجلاء» مشروعها الأخضر في كانون الأول/ديسمبر 2019م، وضعت له اسم «مشتل وينكا»، وقامت بتسويقه عبر منصات التواصل الاجتماعي.
«مشتل وينكا» يستورد أصنافًا من النباتات، كما يقوم بإعادة إنتاج وتوزيع النبات سواء أكانت جمالية أو لأغراض التسويق، وينتج المشتل أيضًا نباتات داخلية مناسبة للديكور، ونباتات زينة خارجية ونباتات عطرية.
تبادر الشابة «نجلاء» عبر مشروعها الريادي إلى الاهتمام بالتسويق لفكرة الزراعة المنزلية، ونشر ثقافة التشجير وزيادة الاخضرار في المدن، وتعد هذه الأعمال فرصة لكي يحافظ اليمنيون على البيئة، ويستشعروا أهميتها ومسؤولية حمايتها.
ما زالت الشابة «نجلاء» تواجه بعض العوائق ولكنها مؤمنة بقدراتها وتسعى جاهدة لتحقيق طموحها وفكرة مشروعها، ومن أبرز تلك المعوقات انعكاسات ظروف الحرب في اليمن وصعوبة استيراد النباتات، فهناك أنواع كثيرة منها غير موجودة داخل البلاد، بالإضافة إلى عدم استقرار العملة الوطنية التي هي الأخرى تؤثر سلبًا على المعاملات التجارية للمشتل، إلى جانب ارتفاع الإيجارات بصورة جنونية دون مراعاة للمشاريع الناشئة وهذا يشكل عبئًا إضافيًّا، وتحديًّا كبيرًا لاستمرارية مشروعها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن «نجلاء» لم تلقِ عصا الترحال ويتسرب إليها اليأس والإحباط، فهي تطمح مستقبلًا إلى أن توسع مشتلها إلى آخر يعمل بتقنيات حديثة، ينتج أصناف زراعية جديدة ذات فائدة، وتلبي حاجة الإقبال المتزايد على الزراعة المنزلية، وصولًا إلى أمنية توفر النباتات بمختلف أنواعها أمام المهتمين بزراعتها، ليكسو الاخضرار والجمال مدن حضرموت شرق اليمن.