الإثنين الأسود.. دائماً نسقط في الاختبار!

منذ 24 عاماً، لم تشهد المنطقة زلزالاً مدمراً، كالذي أصاب تركيا والشمال السوري، وتسبب في وقوع آلاف الوفيات والجرحى وانهيار العديد من المباني، وتحولها إلى ركام، فيما تواصل حصيلة الضحايا ارتفاعها في البلدين، حيث تنذر تبعات الهزة الأرضية بتفاقم الوضع المتأثر أصلاً بسنوات طويلة من الحرب والمصاعب الاقتصادية والإنسانية.

 

وأودى زلزالان؛ أولهما بشدة 7.8 درجات على مقياس ريختر، في وقت مبكر من صباح الاثنين، وآخر ارتدادي بعد ظهر اليوم نفسه، بقوة 7.5 درجات، بحياة أكثر 3600 شخص في البلدين. في حين تتوقع السلطات في البلدين، أن ترتفع حصيلة الضحايا بشكل كبير، نظراً لاستمرار جهود الإنقاذ الحثيثة التي تبحث عن العالقين تحت الأنقاض.

 

الكارثة كبيرة وقاسية على البلدين، وليس أمام المجتمع الدولي إلا أن يتشارك المسؤولية لتقديم الإغاثة والخدمات الطارئة المطلوبة على وجه السرعة، فضلاً عن ضرورة وقوف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني مع سورية، التي تعاني في الأصل من حروب وأزمات نزوح ولجوء وتهجير ومشكلات اقتصادية، والأهم برداً قارساً في هذه الفترة من السنة.

 

فيما وصلت شدة الزلزال في تركيا وسورية، إلى حد استشعار الهزة في عدد من دول الشرق الأوسط كالأردن ومصر ولبنان وفلسطين، وهو الأشد منذ عقود، إذ تقع المنطقة المتأثرة بالكارثة في نقطة تعرف بخط صدع الأناضول المعرض بشكل كبير للهزات الأرضية.

 

اللافت أن حجم المساعدات و"الفزعات" وفرق الإنقاذ التي أرسلت من حول العالم، كان لتركيا النصيب الأكبر منها، وهو أمر جيد وإنساني، لكن كان أولى تكثيف الاستجابة لسورية الجريحة التي تعاني من حصارات كبيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وتستحق اهتماماً أكبر على الصعد كافة.

 

مطلوب اليوم من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية، لمد يد العون ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات سورية، حكومية ومجتمع مدني، في مواجهة كارثة الزلزال المدمر.

 

وفي تصريح حديث لمسؤول في الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، قال: "إن الأضرار التي لحقت بالطرق ونقص الوقود والطقس الشتوي القاسي في سورية كلها عوامل تعرقل مواجهة الزلزال"، مؤكداً على ضرورة وقف جميع أطراف النزاع لإطلاق النار لتمكين العاملين في المجال الإنساني وعمال الإنقاذ من الوصول إلى المحتاجين دون خوف من الهجمات.

 

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الضرورة تقتضي "تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، فقد بقي العديد من السوريين اليوم بلا مأوى بين المباني المنهارة تحت المطر والثلج، وسط درجات حرارة شديدة البرودة إلى جانب الأعداد التي لا تحصى المحاصرة تحت الأنقاض".

 

وذكرت أنه اشتد الصراع السوري عبر جبهات متعددة في النصف الثاني من العام الماضي ويعاني الناس في الشمال والشمال الغربي من موجات الاقتتال الأخيرة والهجمات المميتة على المناطق المدنية ومخيمات النزوح، كل ذلك وسط استمرار تفشي وباء الكوليرا ومعاناة المرافق الصحية وعمال الإغاثة طوال سنوات الحرب والهجمات المباشرة، وهم بحاجة إلى المزيد من الدعم من المجتمع الدولي لتلبية احتياجات المتضررين نتيجة هذه المأساة.

 

آن الأوان للتضامن اليوم، وأن نفهم ما يجري من حولنا وتكثيف الاستجابة الطارئة للبلدين السوري والتركي ولكل الشعوب التي تعاني من أزمات وحروب، وأيضاً مطلوب من الأمم المتحدة التدخل لرفع العقوبات والحصار عن الأماكن المنكوبة ووضع حد للنزاعات التي تفاقم الظروف المأساوية على الشعوب.

 

ندعو بالرحمة لكل الضحايا أتراكاً كانوا أو سوريين دون استثناء أو تفرقة، ونتقدم بالعزاء لحكوماتهم وأُسرهم، ونتمنى الشفاء العاجِل لجرحاهم.