
الأخوات "ميرابال".. والنضال من أجل الحرية!
لولا النضال بوجه الظلم والاستبداد، لما كان للوجود والحياة معنى، ففي تلك اللحظة التي يقرر فيها الإنسان الخروج عن بيت الطاعة ومجابهة القهر، سيحدث الفارق لا محالة. وبالفعل هذا ما حدث مع ثلاث شقيقات قررن ألا يصمتوا عن الظلم، ويقفن في وجه العنف.
عام 1960 تعرضن الشقيقات "باتريسيا و ماريا و أنطونيا" لعملية اغتيال وحشية على يد رجل فاسد وديكتاتور يدعى رافائيل تروخيلو، حيث كانت وقتها الدومينيكان تحت ولايته وسلطته، ولأسباب كثيرة أهمها تحالفه السري مع الصحافة وأصحاب الأموال وتأسيسه لسلطة عسكرية بوليسية قمعية، جاءت الشرارة التي حركت الأخوات "ميرابال" لتخليص "الدومينيكان" من شروره.
كان النضال دفين داخل الشقيقات، فقامن بتشكيل حركة عرفت باسم "حركة الرابع عشر من يونيو" ضمت مجموعة من المعارضين لنظام "تروخيلو" الذي سرعان ما عرف بالحركة وأمر باعتقالهن وذويهن وتم السجن والتنكيل بهن، إلا أن قرر تدبير حادثة اغتيالهن، التي كانت بمثابة الضربة القاضية لنظام "تروخيلو"، فتحولت قصة الشقيقات إلى رمز للمقاومة الشعبية والنسوية، حتى أنه في عام 1999، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر يوماً عالمياً للقضاء على العنف ضد المرأة، تكريماً لهن.
"اتحدوا! النضال لإنهاء العنف ضد المرأة"، بهذا الشعار الدولي يعيد العالم اليوم التذكير بحملة 16 يوماً لمناهضة العنف، التي تستمر من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر؛ للحد والقضاء على العنف ضد المرأة في جميع أنحاء العالم، وتمكين النساء والفتيات اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
الثابت أن؛ ملف قتل الفتيات والنساء يحتاج اليوم لمكاشفة وإلى تشريعات قانونية تحميهن، وإلى مؤسسات إعلامية وحقوقية ومدنية تزيد الوعي عند الناس وتناقش القضية بكل أبعادها وتفاصيلها، والأهم إيقاف من يروجون للجرائم ويجعلون من القتلة أبطالاً، وكذلك إلى مؤسسات دينية وجامعية ومدرسية تعلم الأطفال والناس والأجيال القادمة احترام الفتيات والنساء والالتزام بالقانون.
ويعرف "إعلان القضاء على العنف ضد المرأة"، العنف بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
في الأردن؛ وبحسب ما أظهره التقرير الإحصائي الجنائي، الصادر عن إدارة المعلومات الجنائية لعام 2020، فإن دوافع ارتكاب الجرائم بحق النساء والفتيات كانت أبرزها الخلافات الشخصية بنسبة 48.2% (53 جريمة)، تلاها الخلافات العائلية 30.9% (34 جريمة)، والانحلال الأخلاقي 5.5% بعدد (6 جرائم)، والأمراض النفسية 2.7% (3 جرائم).
ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، تتعرض امرأة من بين كل ثلاثة نساء حول العالم لأحد أشكال العنف الجسدي أو الجنسي، وعادة ما يكون على يد شريكها. كما أن 52 % فقط من النساء حول العالم لديهن حرية اتخاذ القرارات الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، فيما يمثل ضحايا الإتجار في البشر من النساء حول العالم 71 %.
وفي عام 2017، كشفت إحصائية أخرى أن نصف النساء اللاتي يقتلن حول العالم هن ضحايا شريكهن أو أحد أفراد العائلة، مقابل رجل واحد من بين عشرين رجلاً يقتل في ظروف مشابهة. أما عربياً، تتعرض 37 % من النساء لأحد أشكال العنف أو أكثر في حياتها، وثمة مؤشرات على أن النسبة قد تكون أكبر من ذلك.
بينما تشير جمعية تضامن الأردنية إلى أهمية القضاء على العنف الاقتصادي التي تتعرض له النساء والفتيات، من خلال منعهن من التصرف بمواردهن الخاصة أو الوصول إليها، وحرمانهن من الميراث، وتحديد نفقاتهن بطريقة لا تكون تحت إرادتهن، ما يعني عدم الوصول إلى العدالة.
مطلوب في هذا السياق، الاتحاد والنضال لإنهاء العنف ضد المرأة، مع ضرورة العمل الجماعي والشمولي، وتعزيز الوعي الاجتماعي لحقوق النساء وتشجيع الدراسات في هذا المجال والعمل على تطوير الخطط التي تتعلق بالحماية الاجتماعية وخاصة المؤسسات الأمنية، وسن قوانين تعمل على الحماية بصورة أكبر منعاً للعنف الأسري.