الكشف المبكر عن سرطان الثدي.. حتى يصبح الوردي لون الحياة كلها

أينما وليت وجهك في شهر اكتوبر من كل عام (وهو شهر التوعية بالكشف المكبر عن سرطان الثدي) ستجد اللون الوردي يطغى على كل الألوان، فقد صار استخدام الأشرطة باللون الوردي منذ بداية التسعينات رمز التوعية والحملات المعنية بسرطان الثدي، الذي يعتبر أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم، فحسب منظمة الصحة العالمية تصاب قرابة امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة بسرطان الثدي، وهو السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن السرطان في أوساط النساء، فقد توفيت بسببه 685000 امرأة تقريباً في عام 2020 من أصل 2.2 مليون سيدة أصبن فيه خلال العام نفسه .

لماذا اللون الوردي؟

من الشائع عالمياً استخدام أنظمة الأشرطة والألوان للتوعية ببعض الأمراض والتضامن مع المصابين بها، فالأحمر يرمز إلى دعم مرضى الإيدز، والأرجواني للزهايمر، والأخضر للهوس الاكتئابي، والفضي لاضطراب الدماغ أو العجز، وعلى هذا الأساس صار الوردي لون التوعية بسرطان الثدي ودعم مرضاه، لكن البداية لم تكن مع هذا اللون، بل مع لون الخوخ الفاتح الذي استخدم للمرة الأولى  عام 1991 من قبل الناشطة والناجية من سرطان الثدي شارلوت هال، حيث أرسلت آلاف البطاقات مع أشرطة بلون الخوخ في محاولة منها لرفع مستوى الوعي حول نقص التمويل الفيدرالي للوقاية من السرطان، لكن استخدام اللون الوردي وتعميمه كان عام 1992 من خلال مجلة Self Magazine ، وبعد زيادة الحديث عن سرطان الثدي تم تسليم أكثر من 1.5 مليون من الشرائط الوردية، وأنتجت أيضًا 200000 عريضة من الشريط الوردي بجانب حث البيت الأبيض على تخصيص المزيد من التمويل لأبحاث سرطان الثدي.

أما لماذا اللون الوردي بالذات، فلم يكن بسبب الارتباط الأنثوي فيه فقط، ولكن لأن الدراسات كشفت بأن هذا اللون يرمز للتأكيد على الحياة والمرح والهدوء وهو لون العطاء الصحي أيضاً !

ما هو فحص الثدي المبكر وما هي أهميته ؟

الكشف السريري المبكر عن سرطان الثدي هو إجراء بسيط تقوم به الطبيبة من خلال فحص الثديين والمناطق المحيطة بهما للكشف عن أي كتل أو أي تغيير غير طبيعي قد يدل على الإصابة بسرطان الثدي، وتكمن أهمية هذا الفحص بالإضافة إلى صورة الأشعّة (الماموجرام) بسهولة وقصر وقت علاج هذا النوع من السرطان في حال تم اكتشافه مبكراً، فحسب الدراسات الطبية تصل فرصة الشفاء من سرطان الثدي المكتشف مبكراً إلى 90% ، والعكس صحيح، فكلما تأخّر الكشف عن سرطان الثّدي يصبح علاجه أصعب، وفترة العلاج أطول.
ويُنصح أن تبدأ السيدات بإجراء فحوصات الثدي السريرية عند بلوغ سن العشرين، أما كم مرة فتتوقف على العمر، إذ يجب على النساء بين سن 20-35 سنة الفحص مرة كل سنة ونصف إلى سنتين، أما النساء فوق الخامسة والثلاثين فينصح بإجراء هذا الفحص مرة سنوياً !

العلاج السحري يكمن في الوقاية !

يمكن الوقاية من سرطان الثدي كما يقول الدكتور محمود التامر، وهو طبيب جرّاح ومتخصص في رعاية الأشخاص المصابين بسرطان الثدي في مركز ميموريال سلون كيتيرينغ للسرطان في نيويورك، وأولى هذه الطرق أن تغير المرأة طبيعة ونوعية الحياة، وأن يكون في حياتها نشاط متواصل، أما النصيحة الثانية فهي الامتناع تماماً عن تعاطي المخدرات والمشروبات الروحية التي تعتبر بحسب الاعتقاد الغربي من أسباب زيادة نسبة الإصابة بالسرطان، في حين تقوم النصيحة الثالثة على محاربة السمنة واختيار الطعام الصحي الذي يساعدها في الحفاظ على رشاقتها وسلامة بنيتها الجسدية .

قبل استعمال الأدوية المتعارف عليها عالمياً لعلاج السرطان وعلى رأسها العلاج الكيماوي كان الناس في الدول الغربية يتداولون حكمة أطلقها أخصائي التغذية والطبيب الأمريكي (جويل فورمان)، ومفادها : "لن نجد علاجاً سحرياً للسرطان،يجب علينا أن نعمل على وسائل للوقاية منه"، وحتى ما بعد استعمال الأدوية والفتوحات الطبية التي تحصل باستمرار في مجال علاج السرطان ما زالت هذه الحكمة أول طريقة للعلاج، فالوقاية والفحص المبكر أول الحلول، وأهمها، وأكثرها قدرة على جعل اللون الوردي أكثر الألوان انتشاراً على مدار السنة كلها، وليس في اكتوبر فقط، فكلما حافظنا على حياة النساء، اكتست الحياة باللون الوردي وزادت بهاء!