كن نداً لها لتبتسم لك!

تعجبني عبارة قالها الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، ومفادها "ليس ضرورياً أن يخشى المرء إمكانية الفشل، بل الضروري أن يكون مصراً على عدم الفشل"، وهي عبارة تختصر الكثير من المسافات في دروب الحياة التي لا تخلو من الفشل مهما حاولت، إنما الفكرة كلها في الإرادة والمحاولة الدائمة، لا أكثر ولا أقل!

أنا ممن يؤمنون إيماناً لا يساوره شك بأن الذين شقوا طريق النجاح، وحققوا ما لم يحققه غيرهم، هم أبناء خيباتهم وهزائمهم وفشلهم وظروفهم الصعبة، لا أبناء الرخاء والحياة السهلة، وأن حرمانهم من أشياء يحبونها قادتهم إلى أشياء أعظم بكثير!

حرم "فريد ديلوكا" من دراسة الطب الذي حلم فيه منذ طفولته، ليس بسبب نقص مهاراته وكفاءته وإنما بسبب فقره، وكان يجمع الزجاجات الفارغة من الشوارع وهو في سن العاشرة، ويبيعها مقابل بعض السنتات، ثم أخذ قرضاً متواضعاً قيمته 1000 دولار من صديقه القديم، وعثر على محل ضيق وصغير جداً، وبدأ في تجهيزه بإمكانيات بسيطة، وسماه (Bits Subway)، المحل واجه صعوبات شديدة، إلا أنه استطاع بشق الأنفس فتح فرع ثانٍ له.. ثم فرع ثالث ضمن له تدفقاً جيداً من الأرباح وبعض الشهرة، حتى صار (Subway) من أشهر المطاعم حول العالم، وصار ديلوكا صاحب ثروة تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار أمريكي، وثمة عشرات القصص المشابهة لناجحين صنعهم الفقر، وبلغت شهرتهم الآفاق بسبب أمراضهم وخيباتهم وهزائمهم المتكررة!

ربما؛ ما كان لك أن تقف بكل هذا الصمود، لو لم تصفعك الحياة بيد من ظننته أمانك فيها، لو لم تتعثر بذات القدم التي جبرتها يوماً، لو لم تخسر أشياءً ما كان في حسبانك أن تخسرها، لو لم تزرع الود في أرضٍ لا تنبت إلا جفاء، لو لم تحرم من أحب الأشياء إلى قلبك، لو لم يتقطع فيك دربك، لو لم يهشم الفقر أحلامك أمامك!

كان ينبغي أن تمنح الثقة لمن لا يستحقها، حتى تعرف لمن تعطيها مستقبلاً، وكان ينبغي أن تنكسر وحيداً، حتى تعرف كيف تنهض وحيداً، وكان ينبغي أن يرميك القدر في أحضان الأشياء السيئة، حتى تعرف كيف تتعامل مع الأشياء السيئة التي جاءت بعدها، كان ينبغي أن تُحرم لتُنَعم، وكان ينبغي أن تقف نداً في وجه الحياة، فهي لا تبتسم لمن يرى نفسه أقل منها!