يوم اللاجئ العالمي.. أزمة مستمرة وحنين لا ينقطع للأوطان

"100 مليون شخص أجبروا على الفرار من ديارهم". بهذا التصريح أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تزامناً مع يوم اللاجئ العالمي الذي يصادف 20 حزيران/ يونيو من كل عام، حجم الزيادة في أعداد اللاجئين والمهجرين قسراً حول العالم مقارنة بالعام الماضي 2021، والذين بلغوا نحو 82 مليون شخص.

ما يبدو مختلفاً اليوم ونحن نعبر هذا العام، تسجيل ما يقارب أربعة ملايين لاجئ ومهاجر في دول أوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في أزمة إنسانية وصفها المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات، يانيس ليناريتش، بـ أنها "الأكبر منذ عدة سنوات"، وقال: "إن التقديرات تشير إلى أن سبعة ملايين أوكراني سينزحون من هذا البلد بسبب الهجوم الروسي".

في المقابل؛ تستضيف الدول النامية 86% من لاجئي العالم، بينما يعيش 73% من اللاجئين في دول مجاورة لبلدانهم، وهو الرقم الأعلى الذي تسجله المفوضية في تاريخها، إذ يعيش 20.4 مليون لاجئ تحت ولاية المفوضية، و5.6 مليون لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا، و45.7 مليون نازح داخلي، و4.2 مليون طالب لجوء، و3.6 مليون فنزويلي نازحون في الخارج. وهناك ملايين الأشخاص عديمي الجنسية، حُرموا منها ومن الوصول إلى الحقوق الأساسية، مثل التعليم، والرعاية الصحية، والتوظيف، وحرية التنقل.

دع عنك أيضاً تداعيات الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011، والتي ما تزال تشكل إحدى أكبر المآسي الإنسانية في السنوات الأخيرة، حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف الشعب السوري بات لاجئاً في دول العالم المختلفة، أو نازحاً داخل بلده، في أكبر أزمة نزوح في جميع أنحاء العالم، مع نزوح أكثر من 6.7 مليون سوري داخل البلاد، واستضافة تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر لنحو 5.5 مليون لاجئ، ومئات الآلاف منتشرين في 130 دولة، ويعاني 70% منهم من فقر مدقع، دون الحصول على الغذاء والماء والخدمات الأساسية.

ومثل سوريا؛ اليمن وفلسطين والعراق وليبيا وغيرها، حيث بات مواطنو هذه الدول يخاطرون بحياتهم بحثاً عن حياة ومستقبل أفضل، ويتلمسون دروب الحماية والتحرر من القيود والظروف المعيشية والنفسية الصعبة، يقابل كل ذلك اقتراب العالم نحو أزمة جوع "قد تكون الأخطر في التاريخ الحديث"، وتتزامن مع اضطرابات على الصعيد الدولي، خصوصاً الصراعات وتغير المناخ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود.

هذه الظروف والأزمات المادية والصحية والتعليمية والمعيشية، تفرض في هذه الأوقات على دول العالم، دعم الحقوق الأساسية للاجئين، وبلورة رؤية شمولية ومتكاملة لحماية حقوق اللاجئين، وضمان حرية التنقل والعمل والتعليم والرعاية الصحية لهم.

وثمة حاجة إلى ترتيبات دولية وإقليمية للتعامل مع تداعيات أزمات اللاجئين المستمرة، حيث ما تزال الاستعدادات التي تتخذها الدول للتعامل مع ملفات اللجوء والنزوح والهجرة قاصرة عن مواجهة التحديات الكبيرة التي تطرحها الصراعات المختلفة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين للعام 1951، والبرتوكول الملحق بها عام 1967، وهما الأداتان الدوليتان الرئيستان لحماية حقوق اللاجئين، وضمان مبدأ عدم إعادة اللاجئين قسراً إلى البلدان التي هربوا منها، إذ صممت الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها للتعامل مع التحديات التي واجهها اللاجئون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا والاتحاد السوفياتي.

فقد طلب وقتها، نحو 11 مليوناً من غير الألمان اللجوء آنذاك للمناطق التي يسيطر عليها الحلفاء، بينما طرد 13 مليون ألماني من الاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا وبولندا. وكان من المفترض، ضمناً، أن العناية باللاجئين ستكون مسؤولية عالمية، إلا أنه لم يتم إدراج أية آليات ملزمة في الاتفاقية.

دولياً وإنسانياً؛ بحاجة اليوم للتضامن الإنساني بيننا كأمم، وإلى مقاربات جديدة واتفاقات دولية تراعي أساساً إنسانية اللاجئين والمهجرين وتضمن حقوقهم، مع استمرارية الحوار بين المجتمع المدني والحكومات والجهات الدولية لإدراج حمايات اللاجئين في نظم الحماية الاجتماعية.

ومطلوب كذلك؛ ضرورة التزام المجتمع الدولي بتوسيع نطاق الدعم في مجال المعونات الإغاثة الإنسانية، حيث ينبغي أن يرافق هذا المطلب التزام الدول المضيفة بتمكين اللاجئين اقتصادياً عبر تأمين وصولهم إلى سوق العمل وتحسين أوضاعهم المعيشية، وصولاً إلى تحويل أزمة اللجوء في العالمين العربي والعالمي، إلى فرصة تسعى لتعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم، وذلك إلى حين تتاح لهم العودة إلى أوطانهم بأمان وكرامة.