عطر امرأة.. ومعنى الحياة!

هل لوجودنا معنى؟ كيف نستمر في هذه الحياة، دون أن نفقد الأمل والحب والقيم والأخلاق؟ والأهم؛ هل ما تزال ضمائرنا يقظة؟ إذا كنت مثلي تبحث عن إجابات لهذه الأسئلة، فما عليك سوى الاستمتاع بمشاهدة فيلم "عطر امرأة" للعبقري والفنان العالمي آل باتشينو.

شخصياً؛ كلما أفقد الأمل في هذه الحياة أهرب سريعاً لمشاهدة هذه التحفة البصرية والفلسفية التي جسدت ببراعة فائقة تناقضات الحياة من مشاعر الإحباط والأمل، العصبية والحكمة، والجنون والاتزان. 

فذاك باتشينو، الكولونيل العائد من الحرب بروح مطفأة وعينين لا تبصران النور، ويأكله إحساس بانعدام المعنى؛ فيرتدي بدلته العسكرية بكامل نياشينه ويقرر الانتحار، لكنه يفكر بتأجيل القرار إلى ما بعد القيام برحلة أخيرة، ستغير فيما بعد حياته للأبد.

تبدأ رحلة باتشينو بعد أن يعثر على شاب جامعي يرافقه في رحلته، ليعرف من الشاب أنه يعاني مشكلة تتعلق بمستقبله، حيث تضعه إدارة الكلية بين خيارين؛ إما الوشاية بزميله أو معاقبته بالفصل.

الكولونيل الذي فقد الحماس للاستمرار في العيش يعثر على معنى لحياته أخيراً من خلال الدفاع عن الشاب؛ فيتوجه إلى الكلية ويقتحم مجلس التأديب، ويلقي على مسامع أعضائه خطبة طويلة بليغة.

يقول لهم إنه رأى في الحرب شباباً في سن ذلك الشاب بُترت أذرعهم وسيقانهم، لكن هذه الأطراف يمكن تعويضها، بينما يحاول مجلس الكلية بتر روح هذا الشاب الذي يرفض أن يكون واشياً، ولسوء الحظ لا توجد أطراف صناعية تعوض الروح.

 وبين نصرة الشاب والدفاع عنه، وانتصار آل باتشينو على مجلس المحاكمة، تتجلى أبهى صور الحياة والكرامة الإنسانية التي تزدري  كل ما تواضع عليه البشر، ولا ترضى بالظلم والاستبداد.

ولعلي أتفهم أن الحياة ليست كالأفلام، فلا يمكن تعديل مسارها بخطبة بليغة، لكن هناك بشر ينذرون أنفسهم للدفاع عن القيم والضمير، وسط ذلك الصمت الكبير والقاسي الذي بتنا نلمسه في مجتمعاتنا هذه الأيام.

ما الذي يجعل للحياة معنى؟ هو السؤال الأكثر أهمية على الإطلاق اليوم، حيث يرتبط بشكل حيوي ببقاء الإنسان وازدهاره، لكنه كذلك السؤال الأكثر تعقيداً؛ لأنه يمس مختلف جوانب الحياة الإنسانية والنفسية والاجتماعية والروحية كلها.

الحياة تحتاج منك أن تكون شجاعاً وقوياً مواجهاً تحدياتك وأفعالك، وأن لا تعيش وتموت كذباب ملتصق بالعسل، فأنت إذا لم تعط أي ردة فعل على مشكلاتك التي تواجهك فسوف تكون حياتك عبارة عن فشل وراء فشل.

باعتقادي؛ كان فيلم "عطر امرأة" هو الجواب الشافي لمعنى الوجود والحياة، وكذلك كان درساً للأجيال القادمة بأن هناك أمل ما، ربما في الزمان البعيد القادم!