
خطوة بالاتجاه الصحيح…ديوان شعر باللغتين العربية والسويدية لعلي الدليمي
مُخطىء من يظن أن الاندماج يقتصر على تعلم اللغة الجديدة، والدخول في سوق العمل، وعلى الرغم أن هذه الرؤية القاصرة كانت سائدة منذ سنوات، إلا أن السويديون اكتشفوا أن الثقافة هي مفصل رئيسي في نجاح عملية الاندماج، لذا شهدنا في العامين الماضيين، اهتماماً ملحوظاً من السويديين لدعم الأنشطة والمشاريع الثقافية للمهاجرين لتأكيد التعددية الثقافية في السويد.
وضمن هذا الاهتمام، وجدنا محاولات لدى بعض الأدباء العرب في السويد لترجمة نتاجهم الأدبي إلى اللغة السويدية، ومنهم الشاعر العراقي " علي الدليمي" الذي أصدر الشهر الفائت ديوانه الشعري "وحي من الشوق" باللغتين العربية والسويدية.
سبعة دواوين شعر
أصدر الشاعر علي الدليمي حتى الآن سبعة دواوين شعر حملت عناوين: يا سيد الكلمات؛ باردة الأعصاب؛ عرشُها السامي؛ قوافل الشوق؛ لم يأذن الشوق؛ لا توقدي نار الجفا؛ وحي من الشوق باللغتين العربية والسويدية.
نبني للأجيال القادمة
"هنا صوتك" التقى بالدليمي واستفسر منه عن أهمية إصدار ديوان شعري باللغة العربية مترجماً للغة السويدية، فقال: "الأهمية تكمن في تعريف المجتمع السويدي وخصوصاً الأدباء السويديين ثقافتنا وجمال لغتنا العريقة، وماتحمل من مفرداتٍ راقية في ترجمة للأحاسيس والمشاعر الإنسانية، من خلال نص شعري أو قصة أو غيرها من فنون الأدب الأخرى".
وفي سؤاله عن دور الثقافة والأدب في تفعيل الاندماج بالمجتمع، وتقديم صورة إيجابية عن المهاجرين؟ يجيب الدليمي: "نحن؛ وأقصد الأدباء من شعراء وكتاب وفنانين، رسالتنا هي أن ننقل حضارتنا وثقافتنا إلى المجتمعات الأخرى، وأقصد المجتمع الغربي تحديداً بلا تقاطعات، بل بالعكس نعمل بالمشتركات الإنسانية التي هي أسمى وأكبر من أي اختلاف في الديانات والقومية، لنظهر الجانب المشرق للمهاجرين وما لديهم من رغبة في التعايش والاندماج، حتى نتمكن من المشاركة في بناء أسس رصينة لأجيالنا القادمة، ولكون القصائد هي من شعر "التفعيلة العمودي"، كان من الصعب ترجمتها إلى اللغة السويدية حرفياً، لذلك بذلنا جهداً كبيراً أنا وابنتي إضافة إلى الشاعر السويدي "كريستيان كارلسون" حيث ساعدنا في إيجاد مقتربات للغة كونه شاعر وعنده إلمام باللغة السويدية، لذلك تمت اضافته كمترجم".
ومن أجواء الديوان الشعري نختار هذه السطور من قصيدة ضياع الروح:
لا تلومين ضياعي كنت في حبك أحلم
لك جيّرتُ سنين العمر طوعاً
إسألي قلبك عنها ربما أنه يعلم
الاماني أصبحت خيمة حزن
وأنين الصمت مأتم
ظنَّ قلبي معكِ الأشواق تحيا بسلامٍ
ومحالٌ منكِ تُظلم والهوى فردوسُ عشقٍ
تاريخ
بدأ الاهتمام الغربي بترجمة الأدب العربي منذ عهد النهضة الايطالي، ويقال بأن أول ترجمة لقصة "حي بن يقظان" كانت في القرن الثالث عشر 1280. وشهدت العصور التالية اهتماماً بترجمة بعض الأعمال المعروفة، ففي العام 1671 ظهرت طبعة جديدة من قصة حي بن يقظان تحمل النص العربي مع ترجمة لاتينية قام بها إدوارد بوكوك.
وشهد القرن التاسع عشر طفرة في ترجمة الأعمال الأدبية العربية إلى اللغة الإسبانية، والبرتغالية، والإنجليزية، مع موجات المغتربين العرب وخاصة اللبنانيين والسوريين إلى البرازيل والأرجنتين ودول أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، سواء على يد المغتربين العرب أو على يد بعض المستشرقين الذين يبدو أنهم اكتشفوا ابن خلدون في تلك الفترة.
خطوة مهمة
الإصدار الجديد باللغتين العربية والسويدية يُضاف لعدة إصدارات سبقته، شكلت خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو تقديم الثقافة العربية وفنون الأدب العربي للمتلقي السويدي، لكنها للأسف تبقى محاولات فردية وجهود شخصية من الأدباء العرب في السويد الذين هم بأمسّ الحاجة لمؤسسة ثقافية تحتضن أعمالهم وتساهم مساهمة فعالّة في نقلها للغات الأجنبية بكل أنواعها .