
ليث حمد... وثقافة "لا للمستحيل"
"كان التحدي كبيراً، والاختيار صعباً، والمنافسة قوية جداً"، بهذا القول أعلن المهندس الأردني، ليث حمد، تأهله لمرحلة متقدمة من برنامج نجوم العلوم في موسمه الثالث عشر، ليمثل الأردن، منافساً سبعة مشاركين آخرين تأهلوا لمرحلة نصف النهائيات من هذا البرنامج الذي يعتبر برنامج الاختراعات الأول في الوطن العربي.
حمد باحث وخبير في أنظمة "إنترنت الأشياء" والمدن الذكية، ويعمل حالياً في مركز قطر للابتكارات التكنولوجية، وأضاف بتأهله واختراعه الجديد إنجازاً جديداً للشباب الأردني وقطاع الريادة والابتكار، وهو أحد الذين حاربوا من أجل الفكرة، وأمنوا فيها في سبيل النجاح.
في التفاصيل؛ وصل حمد إلى مرحلة نصف النهائي باختراع "ماسك ذكي" واجتاز به مرحلتي التصفيات الأولى (الحلقة الأولى) والمجلس العلمي (الحلقة الثالثة)، ضمن جولات من التصفيات شملت آلاف الأفكار والملفات العلمية من كافة أنحاء الوطن العربي، حيث حصل على مكان بين "نجوم العلوم" الثمانية الأفضل في الوطن العربي، وحصل على فرصة دخول المختبر وتحويل فكرته إلى منتج في ثلاثة أشهر.
تقوم فكرة "الماسك الذكي"، بإشعار الشخص الذي يضعه على وجهه بضرورة تعقيمه عند الحاجة لذلك، كما أن القناع يقوم بإرسال موجات تتولى مهمة طرد الميكروبات التي تقترب من وجده المستخدم، وهو مرتبط بتطبيق على الهاتف الذكي، بحيث يتم التحكم فيه من خلال هذا التطبيق، ويأخذ القناع وضعيته ذاتياً على وجه من يرتديه ليناسب حجم الوجه.
يقول حمد لـ "هنا صوتك": "أحدثت جائحة كوفيد-19 تغييراً كبيراً في تاريخ، وكثيراً من الأشياء تعطلت أو توقفت بسببها، كالمطارات ومنع التحركات وصعوبة الحصول على الأشياء، وهو ما جعلني أفكر بطرق جديدة لخدمة الإنسان بالاعتماد على التكنولوجيا".
يتابع حمد "الاختراع والابتكار يحتاج إلى أدوات وأماكن للعمل، فحين فكرت في مشروعي واجهت صعوبة كبيرة في تحصيل قطع من المصانع بسبب الإغلاقات التي فرضتها الجائحة، لكن بعد ذلك؛ وجدت حلولاً هندسية بديلة وتمكنت من استكمال العمل".
وبرأيه؛ فإن الابتكار أينما وجد، محلياً أو عربياً، يجب دعمه وتطويره، ونحن في الأردن لدينا فرصة جيدة في إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه المجتمع إذ توفرت لدينا الظروف المادية المناسبة، مشيراً إلى أن دول الخليج تكون فرص لاستثمار فيها أكبر بسبب الانفاق المادي.
وفي أغلب الظن، وإذا ما رأى النور، فإن اختراع حمد، سيكون له أهمية فائقة في الحد من انتشار الأمراض الانتقالية مثل فيروس كوفيد-19، وبالتالي؛ فإنه سيقدم قيمة مضافة لدول المنطقة الباحثة عن حلول علمية قابلة للتطبيق.
اللافت أيضاً في هذا الإنجاز، ما يحمله من ثقافة مفادها "لا مستحيل" لدى الشباب العربي، وهم قادرون على تقديم أفكارهم على امتداد المنطقة، في ظل انتشار تحديات عديدة تواجهها المنطقة في مجالات التعليم والصحة والبطالة وغيرها.
وخلال العام الماضي، تصدر الخليج العربي بحسب موقع "الخليج أونلاين" أفضل الدول في الابتكار العالمي الذي يعتمد على الأبحاث العلمية ورأس المال الاستثماري، والإنتاج عالي التقنية، وكانت دولة الإمارات على رأس تلك الدول إذ بلغت درجتها 41.4%، تلتها تونس بـ 31.2%، ثم السعودية 30.9%، وقطر 30.8%، والمغرب 29%، والكويت 28.4%، والبحرين 28.4%، والأردن 27.8%، وعُمان 26.5%، وأخيراً لبنان 26%.
وفق تلك الأرقام، فإن خارطة مستقبل الابتكار، سيكون رسمها خلال العقود القادمة من أكبر المهمات، في ظل تسارع نمو الأدوات المتاحة في الاستخدام التكنولوجي، وهو ما يضع لدينا مسؤولية كبيرة بضرورة إنشاء حاضنات خاصة للأفكار، تتعامل مع المبتكرين بجدية.
والأهم؛ أن نعي أن وظيفة الابتكار تتحقق من خلال الاستعداد لمواجهة أية أزمات مستقبلية والتغلب عليها؛ ما يضمن أمن شعوب المنطقة في قطاعات البيئة والموارد المالية والأمن المائي والغذائي والزراعة، وبالتالي الوصول إلى حلول وآليات حديثة تواكب تحديات وفرص القرن.
كل ذلك وأكثر، يفرض على الوطن العربي التحول من بيئة طاردة للشباب المبدع المفكر إلى بيئة تحتضن المبدعين والمبتكرين، وخصوصاً بعد أن أثبت المهندس حمد للأردن وللعرب أن الشباب قادر على التغيير والابتكار والانجاز!