بستان الحياري يشد الزائرين والسياح إلى عبق وأصالة الماضي

في بستانها الصغير المملوء برائحة الأطايب من المأكولات التراثية العريقة، في منطقة "وادي شعيب" غرب العاصمة عمان، تستقبل ميسر الحياري السياح المحليين والأجانب بكل حب وصدر رحب. فمنذ ثلاثون عاماً تحاول جاهدة على الحفاظ على تراث الجدات من الملابس المطرزة، والشماغات، والمأكولات التراثية المطبوخة على الحطب. جمعت هذا التراث تحت مظلة جمعية "منتجات أجدادنا".

تركت الحياري مقاعد الدراسة بسن صغيرة، بسبب ظروف عائلتها المادية الصعبة، والتحقت بالعديد من الدورات التدريبية كالخياطة، والتطريز، والتريكو، وعملت كمساعدة في عيادة طبيبة.

تؤكد الحياري في حديثها لشبكة نساء النهضة على أن المحبة والعطاء أساس نجاحها في عملها، فتقول "تزوجت في سن صغيرة، وكان وضع زوجي المادي لا يختلف كثيراً عن حال عائلتي، فقررت شراء ماكينة "تريكو" لأعمل عليها وأساند زوجي في أعباء الحياة وتربية صغارنا الخمسة، ثم بدأت بجمع الأعشاب العطرية التي تكثر في منطقتنا وبيعها على جنبات الشارع للمارة، وكنت أعمل على توفير أي مبلغ مالي مهما كان زهيداً في سبيل تطوير عملي وتحقيق حلمي في تأسيس جمعية خيرية تحافظ على التراث، وهذا ما كان".

وتكمل حديثها عن جمعية "منتجات أجدادنا" فتقول "أشركت نساء منطقتي في الجمعية، وبدأنا بصنع المأكولات التراثية، وتسويقها في البازارات المختلفة التي تقام بشكل دوري، وعملنا على تطوير منتجاتنا المختلفة من الألبان، والأجبان، والمربيات، والمطرزات، وغيرها الكثير".

وتؤكد الحياري إلى أن الإعلام له دور كبير في إبراز قصص نجاح السيدات، وتسليط الضوء عليهن، حيث أشارت إلى الإعلامية الأردنية لانا القسوس التي استضافتها في برنامج "يسعد صباحك" للحديث عن مشاركتها في أحد معارض الزيتون للحديث عن منتجاتها، فقالت "في اليوم التالي بعد استضافتي في البرنامج وعودتي إلى زاويتي في المعرض، تفاجأت بالعدد الكبير من الناس الذين يسألون عني ويرغبون بشراء منتجاتي، وقد فاقت مبيعاتي يومها الأربعة آلاف دينار، استطعت من خلالها دعم الجمعية وتطوير عملها".

ولا تنسى الحياري زيارة الملكة رانيا العبد الله الداعمة الأولى للمرأة الأردنية عندما زارتها في بستانها قبل سنوات وقالت لها "يعطيكي العافية أم عمر"، فتقول "كان ذلك دليلاً كافياً لأشعر بالتميز، وكانت بمثابة حافز لي للعمل بشكل أكبر".

وتستقبل الحياري الزوار المحليين والأجانب في بستانها بالإفطار الشعبي الصحي، والمكون من البيض المقلي بالسمن البلدي، والجبنة، واللبنة، والمربيات، والزبدة، والزيتون، و"المكدوس"، إضافة إلى "قلاية البندورة"، وخبز الطابون، والشاي المغلي على الحطب، و"الرشوف". وتقدم الحياري أطباقاً من الحلويات التراثية مثل "اللزاقيات" بالسمن البلدي، و"الهيطلية". كما تبيع منتجاتها للزوار في معرضها الدائم في البستان، وتشارك بالعديد من البازارات والمعارض.

لا تتوانى الحياري عن مساعدة نساء منطقتها في تقديم الدعم لهن، عبر إشراكهن في الجمعية، أو في مساعدتهن لبدء أي مشروع من المشاريع التي تدر عليهن دخلاً، فهي تسخر كل خبراتها وطاقاتها لخدمة سيدات منطقتها.

أيقنت الحياري خلال رحلتها أن الابتكار والتفكير خارج الصندوق من أبرز مفاتيح نجاحها، فابتكرت 43 نوعاً جديداً من المربيات مثل النعنع، والريحان، والفلفل الأحمر، والزنجبيل، وغيرها الكثير. وتفخر بمنتجاتها بأنها من زراعتها فهي تقوم بزرع الخضار والفاكهة في بستانها.