
ملكون ملكون يكتب: 60 منطقة هشّة وضعيفة... تحديات تواجه الحكومة السويدية
لم يعد خفياً تسليط السويد الضوء أكثر فأكثر على المهاجرين، إذ لم تبقَ النظرة إليهم على أنهم تحدٍّ تتعرض له الدولة السويدية مجرّد نظرة خجولة منكفئة، بل أصبح الحديث عن ذلك واضحاً وصريحاً.
قدمت الشرطة السويدية تقريراً جديداً زادت فيه عدد المقاطعات المصنفة على أنها ضعيفة أمنياً أو معرضة للخطر بوجه خاص، ليصبح 61 منطقة مدرجة في القائمة تضم حوالي 5,000 مجرماً و200 شبكة إجرامية. منها 23 منطقة معرضة للخطر خصوصاً، و6 مناطق معرضة للمخاطر (أي المناطق المعرضة بشدة لأن تكون خطيرة).
وتعرّف الشرطة السويدية المناطق الضعيفة على أنها: "منطقة جغرافية تتميز بانخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي كما ترتفع فيها نسبة البطالة والحوادث بشكل ملحوظ". تنتشر هذه المناطق تقريباً في مجمل الجغرافيا السويدية، وتغلب عليها الكثافة السكانية للمهاجرين والسويديين من أصل أجنبي، فتشهد انتشاراً للثقافات الخاصة المنعزلة عن الثقافة السويدية ومجتمعها. ولن يكون مفاجئاً أنّ كبرى المدن السويدية (من مثل ستوكهولم، ومالمو، ويوتبوري، وأوربرو، وفيستروس) تحوي مثل هذه المناطق الضعيفة وبكثرة.
إحصاء لكشف الاحتيال
ولأن المشكلة تزداد خطورة؛ فقد قررت الحكومة السويدية البدء بمراجعة السجل السكاني والتعداد السكاني الحقيقي في هذه المناطق. وبحسبها، فإن الهدف من هذه الإجراءات هو رصد التسجيل غير الصحيح للسكان وكشفه، مثل "بيع العناوين، والاحتيال على المساعدات الاجتماعية، وتضييق الخناق على الشبكات السوداء، وخلق نظام قانوني مستدام واستعادة السلطة من المجرمين الذين يسيطرون على تلك المناطق المعزولة".
مشاكل مجتمعية خطيرة
إذا ما استعرضنا الصفات التي توصم بها هذه المناطق، فسنجد أكثر من واحدة كانخفاض الدخل، وقلة فرص العمل، والافتقار إلى الخدمات والتعليم، وتواجد شبكات إجرامية، وضعف كبير في الاندماج في المجتمع السويدي.
لا تكمن أسباب هذه المشاكل الخطيرة في المهاجرين أو سكان المناطق الضعيفة فقط، بل تقع المسؤولية الأكبر على عاتق الحكومة السويدية التي وجدت نفسها في عين العاصفة مع تفشي وباء كورونا في السويد، إذ أثبتت دراسة لمركز نوفوس أن سكان المناطق الضعيفة وهي عبارة عن 60 منطقة، لا يثقون بالحكومة ولا بهيئة الصحة العامة، كما لا يثق ما نسبته 64% من سكان المناطق الضعيفة بالحكومة، ولا بقراراتها بخصوص الوباء، مقابل 36% من ذوي الثقة المتأرجحة بالحكومة وسياساتها.
كما أوضحت الدراسة أن المناطق الضعيفة تؤوي كثيراً من المجرمين، إذ تنتشر فيها جرائم القتل باستخدام الأسلحة النارية بكثرة، فبالنسبة لحوالي 26% من السكان، تعرّض أحد أفراد عائلاتهم لإطلاق نار، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 3% فقط بين المواطنين السويديين في المناطق الأخرى.
ولهذا السبب، فإن الكثير من سكان تلك المناطق يرغبون في الرحيل عنها إلى مدن أخرى أكثر أماناً غير أن ارتفاع أسعار السكن والإيجارات داخل تلك المدن يحول دون ذلك.
تحوي هذه المناطق في كثير من الأحيان هياكل مجتمعية موازية، وتطرفاً دينياً، ما يوجب على الشرطة أن تكيّف أساليبها بانتظام إزاء هذه الحالة المتقلبة. وغالباً ما لا يتم الإبلاغ عن الجرائم فيها، إما خوفاً من الانتقام أو لاعتقاد السكان بأن ذلك لن يؤدي إلى أي نتيجة مفيدة.
حلول مطروحة
جراء ما سبق، قررت الحكومة السويدية دعم خطط تنموية واجتماعية لهذه المناطق بقيمة 900 مليون كرون سويدي للأعوام الثلاثة القادمة بمبلغ إجمالي يصل إلى 2,7 مليون كرون سويدي، ومن المقرّر إنفاق هذه المبالغ على دعم المدارس في الضواحي الهشّة والمهمشّة، وجذب الأساتذة أصحاب الخبرة للعمل فيها، وحماية الأطفال من الانضمام للعصابات الإجرامية، وخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل لفترة طويلة، ودعم تدريب الشباب العاطلين عن العمل.
وهذه القرارات الحكومية إن دلت على شيء، فإنما تدل على سنوات من التقصير والإهمال والتهميش الذي طال هذه المناطق قبل أن تنفجر كل هذه المشاكل في وجه الحكومة دفعة واحدة بعد وقوع المحظور، إذ باتت الكثير منها خارجة عن السيطرة.