
محمد الغزو يكتب: عندما تختطف الريادة من رحم ميلادها الوطني.. نادي الإبداع-الكرك كتجربة
على الرغم من الروح الخالدة التواقة إلى العطاء والبناء في هذا الوطن، تُعاد الحكاية المكرورة التي تقتل تجارب الريادة والإبداع، إذ يُقتل العطاء الريادي، ويُختطف بالتهميش وضياع بوصلة الدعم الحقيقي من الناحية المالية، والاجتماعية، والتحفيزية.
نمر اليوم بثقب أسود، بدأ بإغلاق الكثير من مشاريعنا الريادية التي تحمل طابع مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية، ليحطمها على صخور التهميش الحكومي، وضعف التمويل والدعم، بل ويشارك في هذا القطاعان العام والخاص أحيانًا، إذ ما زالت الريادة الاجتماعية تندرج عند أغلب المؤسسات الداعمة من القطاعين تحت بند الدعم الخاص، أو المسؤولية الاجتماعية لمؤسساتها للتخلص من عبء الضريبة. وهكذا تدخلنا المحسوبية بمفهومها الحقيقي وفي كلا القطاعين -ونعم في كل منهما لمن يستغرب الأمر- في مرحلة جديدة من ضياع هذه المشاريع واندثارها. ويومًا بعد يوم، تزيد قناعتنا بأن إدراك هذه الجهات لمفهوم الريادة الاجتماعية ما زال قاصرًا عن فهم حقيقتها الروحية.
ونادي الإبداع-الكرك، الذي تأسس في العام 2006 في محافظة الكرك بهدف إيجاد حاضنة لرعاية الموهوبين والمبدعين من عمر مبكر وذلك لاكتشاف مواهبهم وإطلاق الطاقات الكامنة لديهم ضمن بيئة علمية، وفنية آمنة، يعاني اليوم من ضائقة مالية حادة، برغم تحقيقه الكثير من الإنجازات خلال عشرة أعوام والتي تكللت بأن يكون النادي نقطة فخر لكل أردني في كل محفل دولي، إلا أنه اليوم يتعرض لهذه الأزمة نتيجة التهرب الحكومي والخاص، وتحويل الدعم إلى مؤسسات محسوبة على أشخاص، ومؤسّسات أخرى لا تستحقها، تحت بند المعرفة الشخصية والأقربون أولى بالمعروف -ونعم، يحدث ذلك حتى من جانب القطاع الخاص.
واليوم، كثيرًا ما تبدأ مؤسسات تجارية كبيرة في الأردن رحلة العمل المجتمعي الخاص بها، متجاهلة وجود مؤسسات أخرى لها وزن وتاريخ مؤثرّان ومخرجات حقيقية تتمثل في برامج مجتمعية واعدة، الأمر الذي سبّب فجوة خطيرة جداً ستؤثر بالسلب مع مرور الأيام على صمود الكثير من الجمعيات والشركات غير الربحية في ظل هذا النظام الجديد المفتعل للعمل المجتمعي!
لا تَسَل؛ وكل غضب الوطن الدفين يكاد يتفجر، فإلى متى هذا التهميش وهذا التجاهل لعظمة هذا الإنجاز وما حققه ويحققه اليوم؟ إلى متى سيبقى الوطن هو خاطف الريادة التي تحمل التنوير لأبناء هذا الوطن المنهك؟
تساؤلات كثيرة أطرحها بين يدي من سيقرأ، مؤكداً على حقيقة ثابتة مفادها بأن الريادة الاجتماعية ما زالت تعيش المحسوبية في أقوى صورها، وأساليبها وتوجهاتها في وطني.